(إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) التحريم 4
لنبدأ أولا بجواب الشرط.... الكلام في الآية عن مشكلة في بيت النبوة... بين النبي عليه السلام و بين أزواجه و الخطاب موجه لعائشة و حفصة رضي الله عنهما...
و قوله جل و علا "إن تتوبا إلى الله" جملة شرطية مكون من أداة الشرط "إن" و من فعل الشرط "تتوبا" و جواب الشرط محذوف تقديره فقد وجب عليكما ذلك..
و جملة "فقد صغت قلوبكما" جملة للاستئناف و التعليل... لبيان سبب المطالبة بالتوبة أي أن التوبة وجبت عليكما لأنه صغت قلوبكما...
و المعنى مالت قلوبكما قليلا الى جانب المعصية...
نعود إلى جمع القلوب... و هذه من أفصح لغات العرب... إذ إنه اذا جمع عضو إلى عضو آخر فالأصل هو الجمع كقولك "قطعت رؤوس الكبشين" و هي الأفصح...
و لكن هناك حكمة من الجمع دل عليها سياق الآية و هو "الصغو".. و الصغو هو الميل... و قد وجه الله الكلام للزوجتين و أنبهما لوقوعهما في خطأ و مؤاخذة...
إن المسلم حين يرتكب ذنبا فإن قلبه يتأثر و يميل عن وضعه السليم و ينزل مستواه الإيماني.. و هذا المقصود بالصغو..
و بما أن الصغو يتضمن النزول إلى أسفل و الميل نحو الأقل و الإيمان ارتفاع إلى أعلى.. لذلك فإن صغو القلب يكون متفاوتا و يتغير معه المستوى الإيماني للقلب...
و هنا جاء جمع القلبين إلى قلوب لوصف مستويات الإيمان التي نزلت و احتاجت إلى التوبة...
و سأضرب مثلا يقرب الصورة... الرياضي الذي يتمتع بلياقة عالية اذا تعرض لإصابة فهذا سيؤدي إلى نزول مستوى لياقته... و سيحتاج إلى إعادة تأهيل و تدريب ليرتفع من مستوى اللياقة الأقل إلى المتوسط إلى الأعلى.. و هنا لو فحصت جسده و هو يمر بهذه المراحل لوجدت اختلافا في مستوى لياقته في كل مرحلة...
و مثله حال القلب عند المعصية.... و التوبة إعادة تأهيل و تدريب... فجاء جل و علا بالجمع ليشير إلى تغير المستويات الإيمانية للقلب!!
إنه القرآن يا سادة القرآن....